"نقطة بيضا" ينتصر على الرقابة بالـ"يوتيوب"





القاهرة - لم يصب اليأس أعضاء فريق "كايروكي" عندما قرّرت الرقابة، في 2 تمّوز/يوليو 2017، منع الألبوم الجديد لهم "نقطة بيضا" من الطرح في الأسواق. ولماذا يصيبهم اليأس والبديل حاضر؟ إنّه الـ"يوتيوب"، فبالفعل طرحوا الألبوم المكوّن من 11 أغنية، في 11 تمّوز/يوليو، من خلاله ليحقّق نجاحاً مدويّاً، حيث أنّ أغنية "الكيف"، إحدى أغاني الألبوم، حقّقت 5،5 مليون مشاهدة خلال ما يقارب الـ3 أسابيع.

وظلّت "الكيف" متصدّرة أغاني شهر تمّوز/يوليو، حتّى بعد طرح أغنية "معدي الناس"، لنجم الأغنيّة المصريّة الأوّل عمرو دياب، ولم تلحق "معدي الناس" بعدد مشاهدات "الكيف" على "يوتيوب" حتّى الآن، طيلة 10 أيّام من السباق بينهما منذ طرح بعض أغاني ألبوم عمرو دياب في 20 تمّوز/يوليو.

وليست أغنية "الكيف" وحدها التي حقّقت نجاحاً مدوّياً، بل إنّ أغنية "السكّة شمال في شمال" حقّقت حوالى 4.5 مليون مشاهدة، بينما حقّقت أغنية "نقطة بيضا" حوالى 2.7 مليون مشاهدة، وتجاوزت أغنيتا "هدنة" و"كنت فاكر" حاجز المليون مشاهدة، ليبلغ إجمالي المشاهدات على الألبوم كاملاً حوالى 24 مليون مشاهدة.

ولكن لماذا منعت الرقابة الألبوم؟

في منشور للصفحة الرسميّة لفريق "كايروكي" على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" في 2 تمّوز/يوليو، أعلن الفريق أنّ الرقابة رفضت طرح ألبوم "نقطة بيضا" في الأسواق، قائلاً: "رفضت الهيئة العامّة للرقابة على المصنّفات الفنّيّة شويّة أغاني من ألبوم "كايروكي" القادم "نقطة بيضا"، الخبر الوحش أنّ البومنا لأوّل مرّة مش هينزل في الأسواق بشكله الحقيقيّ، وغالباً في الإذاعة والتلفزيون كمان (مش مهمّ)، الخبر الحلو أنّنا مكمّلين وهتفضل أغانينا حرّة وهتكون متوافرة على الإنترنت والديجيتال ستورز... انتظرونا يوم 11-7-2017".

لم يوضح المنشور أسباب رفض الرقابة بعض أغاني الألبوم، وظلّ الأمر شاغلاً لوسائل الإعلام حتّى بعد طرح الألبوم ونجاحه على "يوتيوب" بأسابيع عدّة، حتّى نجحت جريدة "التحرير" في إجراء حوار مع المطرب الأساسيّ لفريق "كايروكي" أمير عيد في 26 تمّوز/يوليو، حيث قال: "ليس لدينا علم بأسباب الرقابة في منع الألبوم، كلّها أسباب غير واضحة، والرقابة اعترضت على أغنيات "هدنة" و"السكّة شمال في شمال"، و"آخر أغنية"، و"ديناصور"، وهي أغانٍ تحتوى على إيحاءات سياسيّة".

ولمزيد من التوضيح، تواصل "المونيتور" مع المنسّق الإعلاميّ لفريق "كايروكي" أحمد مدحت الذي قال: "أظنّ أنّ الرقابة رفضت تلك الأغاني لاعتقادها أنّها أغانٍ سياسيّة، على الرغم من أنّها ليست سياسيّة، ولم يكن الغرض منها سياسيّاً في الأساس، فهي أغانٍ اجتماعيّة تعبّر عن واقع الشباب وإحساسهم بخيبة الأمل بانتهاء ثورتهم في 25 كانون الثاني/يناير وثورتهم على الإخوان المسلمين إلى إضافة إلى الأوضاع الحاليّة في مصر من ملاحقة النشطاء الشباب من ثوّار 25 كانون الثاني/يناير والتضييق عليهم، وهو كلام يقوله الشباب في الشوارع والمقاهي، ولم نسع إلى أيّ غرض سياسيّ. غرضنا الوحيد كان التعبير عن الشباب لأنّنا منهم، والرقابة تخشى أيّ تعبير صريح".

وحاول "المونيتور" التواصل مع رئيس هيئة الرقابة على المصنّفات الفنّيّة خالد عبد الجليل، إلّا أنّه لم يردّ على هاتفه، ولا تزال محاولات التواصل معه لتوضيح وجهة نظر الرقابة في منع "نقطة بيضا" مستمرّة.

وأضاف مدحت: "الإيحاءات السياسيّة في الأغاني ليست السبب الوحيد للمنع، فالفريق يواجه حالة من التضييق منذ سنوات عدّة، من خلال منع إذاعة أغنياتنا في التلفزيون والإذاعة، ومن خلال إلغاء بعض حفلاتنا لدواع أمنيّة، كما أنّ صداقتنا مع بعض النشطاء والإعلاميّين المعارضين للنظام الحاليّ، ودعمنا ثورة 25 كانون الثاني/يناير، ربّما يكونان سبباً وراء تلك التضييقات".

انطلق فريق "كايروكي" في عام 2003، مكوّناً من 5 أشخاص هم أمير عيد وشريف هواري وتامر هاشم وشريف مصطفى وآدم ألفي، إلّا أنّه ظلّ مغموراً حتّى ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، عندما غنّى قبل تنحّي الرئيس الأسبق محمّد حسني مبارك بيوم واحد أغنية "صوت الحرّيّة". وبعد تنحّي مبارك، غنّى العديد من الأغاني للثورة مثل "يا الميدان" مع المطربة عايدة الأيّوبي. ومع اقتراب انتخابات الرئاسة في عام 2012، غنّى "مطلوب زعيم". وحين قبض على صديقهم الناشط السياسيّ علاء عبد الفتّاح في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، غنّى أعضاء الفريق "ياما في الحبس مظاليم".

وحاول فريق "كايروكي" مزج غناء الروك الذي احترفه بالغناء الشعبيّ المصريّ، فغنّى مع فريقي "شارموفرز" و"المدفعجيّة"، واشترك في غناء أغنيّة "غريب في بلاد غريبة" مع المطرب الشعبيّ عبد الباسط حمّودة. وبعد نجاح تجربته معه، كرّر تجربة التعاون مع مطرب شعبيّ في أغنية "الكيف"، وكان المطرب طارق الشيخ هذه المرّة.

وقال الناقد الموسيقيّ محمّد شميس لـ"المونيتور": "منع طرح الأغاني ليس مجدياً في زمن الـ"يوتيوب"، وبالتالي لا أتّفق مع الرقابة في هذه الإجراءات، خصوصاً أنّ المنع يعطي للأعمال الممنوعة طابعاً جدليّاً يكسبها المزيد من الشعبيّة، وأغاني "كايروكي" تستفيد من الحدث السياسيّ بطريقة لا أتّفق معها، لأنّها توجّه انتقادات سياسيّة لاذعة لدرجة غير مبرّرة لكسب جمهور الشباب الناقم على بعض الأوضاع بأيّ طريقة، كما أنّ المزج بين الروك والشعبيّ أفقد الأغاني طابعاً أساسيّاً مميّزاً لها، إضافة إلى أنّ الفريق يكرّر نفسه في كثير من الأحيان، فأغنية "السكّة شمال في شمال" في ألبومه الأخير كانت اسم ألبومه في عام 2014، وهذه درجة من الإفلاس الفنّيّ، كما أنّ غناء أمير عيد إلى جانب طاهر الشيخ وعبد الباسط حمّودة كشف ضعف صوته".

تؤكّد تجربة "كايروكي" مع ألبوم "نقطة بيضا" أنّه لم يعد هناك مكان لقرارات المنع والحجب، إلّا في أذهان القائمين على أجهزة الرقابة، وأنّ حتّى الخسائر المادّيّة التي يمكن أن تلحق بالفريق الموسيقيّ جرّاء منع طرح ألبومه في الأسواق، تراجعت احتماليّاتها مع تحقيق الألبوم مكاسب من تصدّره قائمة الأكثر مبيعاً على موقع iTunes في منتصف تمّوز/يوليو.



PM:02:28:03/08/2017




60 عدد قراءة