شهادات مراسلين مع ضحايا.. كيف يمكن للصحفي تغطية الصدمات؟






"المقطع المصور يكسر القلب"، وفق ما قالت مراسلة سي أن أن التي أجرت مقابلة مع إمرأة مصدومة نجت لتوها من إعصار هارفي، وبعدها إنفجرت غضبا صارخة بالمراسلة :"حاولت أن تجري مقابلة مع الناس في أسوأ أوقاتهم، هذا ليس أذكى أمر تفعلينه، الناس مكسورة وأنتم تجلسون هنا مع كاميرا وميكروفون تسألوننا ماذا بنا؟".

بعد مرور ثلاثة عشر يومًا، هناك إعصار أكبر وأكثر خطورة في الأخبار، لكن قبل تغطية الصحفيين لإعصار إيرما في نهاية المطاف، ينبغي أن يفكروا في لحظة إعصار هارفي.

في النشرة الإخبارية الرئيسة الموثوقة المصادر في CNN، أشار بريان ستيلتر إلى أن المراسل سأل المرأة إذا كانت تود الظهور أمام الكاميرا، وأن المرأة أجابت بنعم، وأضاف: "الإنهاك والإنفعال في صوتها ينقل مدى سوء الوضع بالنسبة لبعض سكان هيوستن".

المقطع المصور يفعل أكثر من ذلك، هو يطرح قضية قوية بأنه يجدر بالصحفيين إعادة النظر في كيفية التعامل مع المجتمعات المحلية التي يغطونها، خصوصًا خلال الصدمة. لأنه في الوقت الذي يرتبط هذا الأمر على المدى القصير بإعصار إيرما فإنه يرتبط على المدى الطويل بعمل الصحفيين على استعادة الثقة، ولأنه ليس حادثًا معزولا.

كل صحفي من الـ19 الذين غطوا حادثة إطلاق النار الكبير في كلية مجتمع أومبكوا في روزبرغ في ولاية أوريغون، وشاركوا في إعداد مشروع التقرير عن روزبرغ أخبرني وزميلي أنهم شعروا بأنها دعوة لأن يشهدوا على المأساة، من أجل ألا ينسى الضحايا، لتكريم المواطنين والأبطال الذين ساعدوا في أعقاب ذلك.

لكن مجتمع روزبرغ لم يرَ ذلك، وتحدثت طالبة في جامعة أوسك في اجتماع في قاعة البلدة نظمته الإذاعة العامة في أوريغون بعد شهر من إطلاق النار، قائلة للموجودين :"بصراحة كان هناك الكثير من المضايقات من وسائل الإعلام لنشر قصصنا.. كان هذا فضًا بصراحة، لم يكن مهذبًا، وكان الإعلام الصدمة الثانية تقريبًا بالنسبة لنا". 

كان هناك انفصال، وهو انفصال مهم: هؤلاء المراسلون، مثل مراسلة CNN، لم يكونوا يقومون بعمل غير اعتيادي، كانوا يطبقون المهارات الأساسية لإعداد التقارير التي يستخدمونها مذا كانوا في المدرسة الثانوية - أو التي تعلموها في العمل.

إذا ما تقوله عن عمليات جمع المعلومات الأساسية للصحافة إنه عندما يتم تجربتها في حالات عالية الوضوح أو ذات أهمية عالية فإنها قد تسبب الأذى؟

كما نعلم فإن ثقة الجمهور بالإعلام في الولايات المتحدة هي عند أدنى مستوى.

إن النقاش حول عدم الثقة يميل للتركيز على الصورة الأكبر "الأخبار الكاذبة"، "الأخبار السياسية"،"الثقافة الإعلامية"، كلها مشاكل حقيقية وصعبة، ولكن السرد في الواقع مريح  فإنه يضع عبئًا على الجمهور لفهم الصحافة بشكل أفضل، ولا يتطلب تحديد هذا السرد شيئًا من الصحفيين.

مع هذه المستويات التاريخية في عدم الثقة بالإعلام، فإن الامر ليس جيدا وعلى الصحفيين واساتذة الصحافة فحص ممارستهم.

العمل الأصعب، الأمر فوضوي، وما نجده قد لا يعجبنا.

كتبت دوليا دال مؤخرا عن مقابلة مع مرتكب جرائم جنسية ووالده وقد فكرت فيها بشكل مختلف. في ذلك الوقت عرفت أنها كانت قد دمرت يومهم.

وكتبت قائلةً: "ما لم يحصل لي حتى سنوات تلت، كيف أن التفاعل قد يكون شكل طريقة تفكيرك عن المراسلين، وكل وسائل الإعلام لبقية حياتهم، بعد 10 سنوات عندما قال لهم رئيسهم إن الصحفيين أعداء الشعب الأميركي، وأن وسائل الإعلام تصنع الأخبار المزيفة، فهل جعلهم دفتر مدوناتي و"كمين الكاميرا" يهزون رؤوسهم ويقولون نعم صحيح؟".

إعادة النظر في ما يعتبره معظمنا "قيمًا اساسية" ولكن ما يدعوه عالم النفس التربوي إدغار شاين بوربوسيلي "الإفتراضات الأساسية الكاملة" هو تعهد ضخم.

في كتابه الذي صدر عام 2010 "الثقافة التنظيمية والقيادة" يكتب شاين "هذه تميل لأن تعتبر كمسلمات من قبل أعضاء المجموعة على أنها غير قابلة للنقاش. القيم مفتوحة على النقاش، والناس يمكنها أن توافق أو لا توافق عليها. الإفتراضات الأساسية تعتبر مسلمات، فعلى سبيل المثال فإن أي شخص لا يحمل هذه الإفتراضات يعتبر أجنبيا أو مجنونًا ويتم رفضه تلقائيا".

قم دائما بمقابلة الشهود لمعرفة ما حدث، إستخدم دائما اسماء الأشخاص المتهمين بجريمة، إستخدم دائما أسماء ضحايا الكارثة لجعل النتيجة أكثر منطقية. هذه هي الإفتراضيات الأساسية الكامنة في الصحافة، وأنا لا اسمع الكثير من النقاشات الجدية حول إذا ما يجب أن نقوم دائما بهذه الأشياء. (إستثناء: ما من شهرة سيئة دفعت إلى نقاش هام حول تسمية مرتكبي عمليات إطلاق النار الجماعي).

تحتاج الصحافة لهذه النقاشات، ونعم يحتاج الصحفيون للبحث عن الحقيقة، وهذا يعني أنهم يحتاجون لطرح الأسئلة خلال الأوقات الصعبة، هذا واجب أخلاقي، ولكن كذلك تقليل الضرر، وهذا أمر يمكن أن يكون صعبا خصوصًا في لحظته، وعند الموعد النهائي، عند تصاعد الأخبار العاجلة. لهذا أطلب من تلامذتي مناقشة هذه القضايا الآن في الصف حيث لديهم الوقت للتفكير.

العديد من المراسلين الذين غدوا مشروع روزبرغ قالوا إنهم كانوا حذرين في مقاربتهم مع المصدر، حيث قال أحدهم "بالنسبة لي من الصعب حتى تصوّر أنني سأرغب بالتحدث إلى شخص ما في وقت كهذا."

ومع ذلك ، لم يتساءل أي من الصحفيين عن فكرة أنه على الصحفيين مقابلة الشهود والضحايا فورا. إذا كان الصحفييون لا يريدون الإجابة على اسئلتهم الخاصة، فلماذا نطلب منهم ذلك؟

لوري شونتز استاذة الصحافة في كلية الصحافة والتواصل في جامعة أوريغون.


شبكة الصحفيين الدوليين


PM:01:52:18/09/2017




48 عدد قراءة