الزملاء والحضور الكرام




تحية طيبة . 
أنا اسمي رحمن غريب اعمل منذ ربع قرن في الصحافة والدفاع عن حقوق الصحفيين . 
بأسم مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين، وهي منظمة مدنية تعمل في اقليم كوردستان العراق، أتقدم بجزيل الشكر الى مركز الخليج لحقوق الانسان، لدعوته لنا للمشاركة بهذا اللقاء، واشكرهم على اتاحة الفرصة لتقديم هذه الشهادة، والحديث عن ما يتعرض له الصحفيين في العراق. 

تأسس مركزنا في عام 2009 من قبل مجموعة من الصحفيين العراقيين، ومنهم الشهيد عمار الشابندر، الذي فقدناه اثر انفجار وسط بغداد في ايار 2015، والشهيد عمار ضمن قائمة من الصحفيين الذي قتلوا نتيجة اعمال ارهابية وعمليات اغتيال منظمة، وضمت تلك القائمة 199 صحفياً، قتلوا على أيدي مسلحين مجهولين او مليشيات او مافيات الفساد.

أضافة الى 56 صحفيا آخرين، لقوا حتفهم اثناء تواجدهم في اماكن حدثت فيها انفجارات نفذها مجهولون، فيما فقد 22 صحفيا حياتهم  بنيران القوات الأمريكية. وصحفيان قتلا بنيران القوات العراقية.

أيها الزملاء الاعزاء: شَهِد عام 2017  مقتل ما لا يقل عن 81 صحفياً، اثناء  اداء وظيفتهم الاعلامية او بسببها، في مختلف دول العالم، ووفقا لبيانات الاتحاد الدولي للصحفيين, فعلى المستوى الإقليمي، سجّلَت منطقة العالم العربي والشرق الأوسط (24) حالة قتل لصحفيين، ووفقا للتقرير قتِل ما لا يقل عن 15 صحفيا خلال العام الماضي، خلال تغطيتهم للصراعات الدائرة حاليا في العراق وسوريا، مما جعلت دول الشرق الأوسط "الأكثر فتكا" بالصحفيين. وهذه هي المرة الاولى منذ ست سنوات التي لا تتصدر فيها سوريا قائمة الدول الفتاكة بالنسبة للصحفيين, حيث تصدر العراق في عام 2017 المرتبة الأولى بين دول الشرق الاوسط، الاكثر فتكا بالصحفيين، وتم تسجيل اغتيال وقتل ما لا يقل عن ثمانية صحفيين في مختلف انحاء العراق.

 وهذا كان أحد دوافع قيام الامم المتحدة في عام الفَين واثني عشر، باصدار قرار مشروع خطة العمل الاممية من اجل أمن الصحفيين، ولمعالجة مسألة الافلات من العقاب، وهذه الخطة هي آلية مهمة للوصل بين المبادرات المحلية لأمن الصحفيين والمبادرات العالمية على نفس الصعيد, من اجل ضمان حرية الصحافة، وقدرة الصحفي على اداء عمله بشكل موضوعي ومهني، وتنفيذ مهامه في مراقبة اداء كافة قطاعات المجتمع، ونقل الحقيقة بكل حرية ودون مضايقات. 

ان حرية الصحافة هي ليست مسالة كمالية في أي مجتمع, بل هي قلب الديمقراطية وهي ركيزة بناء المواطنة والإنسانية للمواطن, وحرية الصحافة هي شرط الحكم الرشيد وسيادة القانون.
منظمة مركز ميترو وبالتعاون مع الانترناشيونال ميديا سبورت، تولَت مهمة تنفيذ الخطة الدولية هذه في العراق, حيث تم فيها اختيار العراق كأحد  الدول التي اختارتها الامم المتحدة لتنفيذ خطتها.
 وتبين الدراسة أن الاستجابات الأكثر فعالية لسلامة الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان، هي تلك التي ولَّدها وقادها تحالف واسع من أصحاب المصلحة، يشمل وسائل الإعلام والمجتمع المدني والسلطات والمنظمات الدولية. يأتي هذا في الوقت الذي الزم الدستور العراقي فيه الدولة بكفالة الحقّ الأساسي للصحافيين وهو حرية عملهم. 

ان اكثر الانتهاكات شيوعا تجاه حقوقوق الصحفيين هي تلك التي تَحدُث اثناء قيام الصحفيين بتصوير انتهاكات حقوق الانسان تجاه الناشطين والمتظاهرين المطالبين بتحسين الخدمات. وعندما يقوم الصحفي بتصوير الحدث تلجا السلطات الى منعهم بالقوة وبهذا تنتهك السلطات حق المواطن في التعبير السلمي وحق الصحفي في تغطية الخبر.  

في حين ان المادة 38 نصّت على أنّ الدولة تكفل: ”حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل" و”حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر"، هناك أيضاً قانون شرّعه مجلس النواب على عجل في 2011 يحمل عنوان ”قانون حقوق الصحافيين”، لكنّه في الواقع لم يضمن حتى أبسط الحقوق المهنية للصحافيين، فتحوّل في التطبيق إلى قانون يصحّ أن يكون عنوانه ”قانون حق الحكومة على الصحافيين".

 اما في اقليم كوردستان وعلى الرغم من وجود قانوني حق الحصول على المعلومات و قانون العمل الصحفي، لكن في الواقع فأن كِلا القانونَين مُعطلان في أغلب الاحيان، ولازال التضييق على حرية الصحافة هو العنوان الابرز لواقع الصحفيين وحريتهم. يوم السبت الذي صادف 13/1، أصدرت (وحدة الرصد) في النقابة الوطنية للصحافيين في العراق، تقريرها السنوي المتعلّق بالانتهاكات ضد الصحافيين خلال السنة الماضية، وفي الوقت نفسه أصدر مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين تقريراً مماثلاً حول أوضاع الصحافيين في إقليم كردستان.

وابشع جريمة أرتكبت بحق احد الصحفيين، هي تلك التي نُفِّذَت بعد عودة الجيش والحشد الشعبي الى مناطق كركوك، حيث أقتحم مسلحون مُلثّمون، بيت الصحفي أركان شريف مصور فضائية كوردستان تي في، التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، في حي خورسي بقضاء داقوق، وقام اولئك المسلحون بأغتيال الصحفي المذكور بطريقة غاية في البشاعة والاجرام وامام انظار عائلته، وبحسب شهادة زوجة الصحفي المغدور أركان شريف، فأن مجموعة من المسلحون الملثمون، قد اقتحموا عنوة الباب الخارجي للبيت، وبعد دخولهم، أمسكوا بالصحفي أركان شريف (49 سنة) واوثقوا يديه، واخذوه الى احدى غرف البيت، وارتكبوا جريمتهم الآثمة هناك. حيث تم قتل الصحفي اركان طعنا بالسكين، حيث اُستُخدِمَت سكين من تلك التي يستخدمها الجنود في الحروب، وقد تجاوزت عدد الطعنات التي تلقاها اكثر من 40 طعنة في اماكن مختلفة من جسده، وهو يئن ويصرخ على مسمع من افراد عائلته، بما فيهم زوجته واطفاله الثلاث. كما قررت الحكومة العراقية قرارا بوقف قناتي رووداو و كوردستان 24 في المناطق التي دخلها الجيش العراقي بعد 16 اكتوبر 2017.

التقريران يعزّزان مضمون ماجاء في  تقارير المنظمات الدولية ذات العلاقة، التي تُصنّف العراق في آخر قائمة الدول التي تتوفر فيها الحماية للصحافيين وحقوقهم وتراعى فيها حرية الرأي والتعبير. رصَدَ التقريران الانتهاكات التي تعرّض لها الصحافيون ومؤسساتهم، ليس فقط من جانب تنظيم داعش الإرهابي، وإنما أيضاً من جانب موؤسسات الدولة وأجهزة الحكومة والجماعات المسلحة العاملة خارج القانون وإدارات المؤسسات الإعلامية والصحافية في عموم العراق بما فيه إقليم كردستان.. وَثَّقَ التقريران بالتفصيل مئات الانتهاكات. إنه رقم مهول ومفزع في الواقع.





PM:12:12:20/01/2018




288 عدد قراءة