«منتدى الصويرة لحقوق الإنسان»: الثقافة أفضل سلاح لمحاربة العنف الدورة الثامنة ناقشت دور العامل الثقافي في إرساء التهدئة لتحقيق السلام







الصويرة (المغرب): عبد الكبير الميناوي
«لبعث الأمل في النفوس»؛ سعى «منتدى الصويرة لحقوق الإنسان»، الذي نظمه «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، في دورته الـ22، بتعاون مع «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، بمشاركة فنانين وأكاديميين وفاعلين سياسيين وجمعويين من المغرب والمنطقة العربية وأفريقيا وجهات أخرى من العالم، إلى التفكير الجماعي في مسؤولية الفاعل الثقافي، ودوره في التصدي للعنف والعمل على إرساء التهدئة في أفق تحقيق السلام، مع طرح أفكار وبدائل تتطلع إلى عالم أفضل للنساء والرجال من جميع أنحاء العالم.

وانطلق المشاركون في هذه التظاهرة، التي تواصلت على مدى يومين، واختتمت أول من أمس، في إطار محورين أساسيين: «أشكال العنف بين الأصول والتجسيدات الحالية» و«دور الثقافة والفاعل الثقافي»، من «أرضية ترى أن التطرف الديني وأشكال العنف والاعتداءات الإثنية وكراهية الأجانب، وغيرها، تؤكد أن العالم يغوص، أكثر فأكثر، في مستنقع العنف: عنف في الأفعال، ولكن أيضاً في الخطاب حتى بين الدول، في بعض الأحيان، في وقت زادت فيه الشبكات الاجتماعية من حدة هذا العنف، كما عمقه السباق المحموم للقنوات الإخبارية والصانعين الجدد للإعلام».

وأجمع المشاركون في دورة هذه السنة على أن الثقافة كانت، على مدى تاريخ الإنسانية، في قلب التجاذبات وكل أشكال العنف. ولذلك: «ليس من الغريب ولا من الصدفة أن تكون الثقافة هي أول ما يستهدفه الغزاة والمتطرفون، مع أنها السبيل الذي تتحقق عبره نهضة الشعوب، والمحجة التي يعود عبرها السلام ويولد الحوار».

وتحدثت نايلة التازي، منتجة «مهرجان كناوة وموسيقى العالم»، عن الهوية التي حددها المنتدى للقضايا التي يطرحها للنقاش، مشيرة إلى علاقة الفعل الثقافي بالمجتمع والإنسان، ودوره في تحفيز الاقتصاد وتوفير فرص الشغل وتحقيق التنمية.

وبالنسبة لأمينة بوعياش، رئيسة «المجلس الوطني لحقوق الإنسان»، فــ«في التسامح انتصار للإنسانية». ولتوضيح أفكارها انطلقت، في افتتاحيتها من أن ثنائية «الكراهية والتسامح»، التي تتخلل تاريخ الإنسانية، بين الفشل والنجاح، بين الحرب وإعادة الإعمار، بين الأزمة والحل، هي «محرك حتمي لحياتنا على الأرض»؛ قبل أن تستدرك: «ومع ذلك، ليست هناك حاجة لأن نكون متشائمين للغاية. فالكراهية ليست حتمية. لقد نجحنا في الماضي في بناء عالم أفضل؛ أكثر تسامحاً، وأكبر انفتاحاً، ومستنيراً أكثر. لقد تمكنا من تجاوز انقساماتنا ووضع إطار كوني جوهره الإنسان؛ من خلال الحوار المستمر والنقاش والتبادل والاستماع. هكذا نشأت حقوق الإنسان. لأن التسامح، في جوهره، هو العمل المشترك، ويتمثل الغرض الأساسي منه في ضمان الكرامة والحقوق الأساسية للجميع. وفي التسامح يوجد أيضاً بُعد أكثر دقة وأكثر حكمة وأكثر تعقلاً: إنه قبول الآخر، أياً كان، بحكم الواجب».

وشددت بوعياش على أن «واجب التسامح ليس مجرد خصلة اجتماعية أو فضيلة أخلاقية، بل هو في قلب المجتمعات الحرة؛ حيث يساهم حس التحضر والتعايش يومياً في تغذية الديمقراطية وسيادة القانون». لتتساءل: «أليست المؤسسات الديمقراطية، السلاح الحقيقي للحرية، معقلاً للتسامح؟ معقلاً يكون فيه حرمان الآخر من كرامته وإنسانيته وحقه أكبر خطر على الإطلاق». لتختم بالتشديد على أنه «في عالم منقسم أكثر من أي وقت مضى، عالم مزقته زلازل العصر الحديث، يجب الاحتفاء ببصيص الأمل الذي نحمله معنا».

يذكر أن «منتدى الصويرة لحقوق الإنسان»، قد استقبل، منذ إطلاقه في 2012، بوصفه فضاء للحرية والتبادل، متداخلين من كل الآفاق، تبادلوا تجاربهم، وعرضوا أفكارهم ورؤاهم، وعبروا عن آمالهم.

وبالنسبة للمنظمين؛ «فهؤلاء النساء والرجال، القادمون في أغلبيتهم من أفريقيا وكذلك من العالم العربي وأوروبا وأميركا، يستغلون زمن المنتدى؛ لتقاسم خبراتهم وللتفكير في بعض القضايا التي تمس مجتمعاتنا، دون اختزال، ولا لغة الخشب، بل بتواضع العارفين وإنسانية الصادقين. وهم في الغالب فنانون وكتاب وفلاسفة وموسيقيون وشعراء وسينمائيون يأتون إلى الصويرة لفتح النقاش مع جامعيين وباحثين وأنثروبولوجيين وعلماء اجتماع وعلماء سياسة».

وناقش المنتدى في دوراته السبع السابقة مواضيع على علاقة بالراهن الإنساني، تحت عناوين: «مجتمعات متحركة وثقافات حرة» (2012)، و«مجتمعات متحركة وشباب العالم» (2013)، و«أفريقيا المستقبل» (2014)، و«المرأة الأفريقية: الإبداع والمبادرة» (2015)، و«المهاجرون الأفارقة: جذور... حركية... تجذر» (2016)، و«الإبداع والسياسات الثقافية في العهد الرقمي» (2017)، و«حتمية المساواة» (2018).


aawsat


PM:01:32:29/06/2019




112 عدد قراءة