صحافتنا الورقية.. من المتاعب الى المتاحف!! – ايمان عبد الملك
ايمان عبدالملك
تعتبر الصحافة من اهم آليات التعبير عن الرأي، فهي وسيلة لتزويد الناس بالثقافة والعلوم وحاجة ملحة لتقدّم الشعوب، كانت ولا تزال وسيلة للحصول على المعلومات وتوفير العناصر التي تمكننا من الحكم على الأمور والوصول الى الفكرة التي نحتاجها، عدا عن الدور التي تقدمه في تنمية المهارات اللغوية وتزويدنا بالمعلومات وتحقيق الذات وتنميتها، فالصحف والمجلات لها دور كبير بزرع المعرفة لما تقدمه من معلومات على كافة الاصعدة اجتماعية سياسية ثقافي وعلمية، مما يجعلها تسهم بشكل مباشر في معالجة مشاكل التنمية البشرية، يتداولها الناس مهما كانت طبقتهم أو معتقداتهم الفكرية والثقافية لتصبح من أفضل طرق الاعلام تأثيرا” في الرأي العام.

يعود تاريخ الصحافة الى زمن البابليين حيث استخدموا كاتبا لتسجيل أهم الأحداث اليومية، ومن بعدها كانت القوانين وقرارات مجلس الشيوخ والأحداث المهمة في روما تدّون وتصل الى الشعب ليطلّع عليها، وبعد ظهور الطابعة على يد الالماني غوتنبرغ عام 1534 شكلت بوابة لظهور الصحافة الورقية بشكلها الرسمي المعروف الى اليوم، والذي من خلاله ظهرت اول صحيفة ايطالية اسمها ( الغازتة )، كانت شهرتها كبيرة ومؤثرة كما وزعت باول ايام الثورة الفرنسية الصحف المطبوعة بتاثير واضح بمجرى الاحداث والتاثير في الراي العام.

في عالمنا العربي دخلت الصحافة حيّز التنفيذ عهد نابليون حيث أحضر طبّاعة بحروف عربية وفرنسية ويونانية ،مما ساهم بانتشار الجرائد في الدول العربية وتعتبر صحيفة الحوادث هي الأولى في تاريخ الصحافة العربية، أما في زمننا الحاضر بدأت الصحف الورقية تواجه أزمة كبيرة ظهرت آثارها في أكثر من جريدة أجنبية وعربية لتتحول الى صحف الكترونية نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية والمنافسة الحادة مع الاعلام الالكتروني حيث بدأت التحديات الكبيرة وخاصة بعد الخسائر التي لحقت بها نتيجة تناقص عدد قرائها ودخول الشبكة العنكبوتية التي يتابعها العديد من الأفراد من خلال المواقع الالكترونية التي تسرّع الخبر وتظعمه بمؤثرات ميدانية ثابتة، وغيره من متطلبات…

كل ذلك ساهم في اضعافها حتى بدأ الصوت يرتفع ويطالب الدولة والحكومة أن تلعب دورا بارزا” لتخفيف الاعباء عن الصحف الورقية عن طريق الغاء الضرائب الجمركية عن الأوراق والاحبار وتوفير سبل الاستمرار، وتخفيف ضريبة الدخل واللجوء الى لمدارس لتوجيه الطلبة والاجيال وحثهم على أهمية القراءة بدل المكوث مطولا” وراء الشاشة لنحافظ على استمرار الصحيفة الورقية التي تعد منبرا” مشعا” للرقي ولايصال الحقائق والوقائع في ضوء التطورات الراهنة…

علما ان ما تعانيه الصحافة الورقية ليس ازمة عربية فحسب، بل انه ازمة دولية عصرية، فبعض كبريات الصحف العالمية اغلقت ابوابها وسرحت عمالها وكتابها وتخلت عن تاريخها، كما ان بعض المؤسسات خفضت انتاجها من ملايين الصحف اليومية بنسخها الملون المتنوعة الى نصف او دون العدد المطلوب، بعد ان قل الاقبال عليها واصبحت وثيقة ثانوية..

والسؤال هنا.. هل ستشهد السنوات المقبلة اغلاق وتشييع الصحافة الورقية الى مثواها الاخير في الارشيف والمتاحف، ام ان بعض الاراء المتخصصة، تؤكد ان الصحافة الورقية برغم متاعبها وعدم فوائدها كمردودات مادية ومشاريع ربحية، لكنها فيها من المميزات ما لا يمكن الاستغناء عنها، مستندين على ان سبقها الخبري قد تاثر في المواقع الالكتروينة والتواصلية، الا ان تخصصها بالراي والتقرير العلمي وخلفية الخبر، ما زالت هي المؤثرة وستبقى لوقت اطول، مما يتطلب مساعدة الحكومات بذلك وفقا لرؤية ودراسة علمية منهجية تستند الى الواقع ولا تعيش الماضي وخيلاؤه!!


AM:09:54:17/05/2017