ورقة التوت وعورة السياسيين
سهام مصطفى

في بلدي ترتسم صور عديدة بعضها واضحة المعالم والاخرى مشوشة تغلفها خفايا لا يفسرها العامة بل فقط لمن يرسمها ممن يفهم مغاليق السياسة والسياسيين .

 

الانتخابات هي احدى هذه الصور التي ظاهرها شيء وما خفي عن الانظار كان أعظم ، فهي تتستر بورقة توت تسقط حين يريدون اسقاطها لكشف عيوب الاخرين كي ينتفعوا هم منها ، فمجلس النواب توصل و بالإجماع إلى اتفاق اجراء الانتخابات التشريعية في الثاني عشر من مايو/أيار المقبل، رغم مطالبة الكورد والأحزاب السنية بتأجيلها لحين عودة مئات الآلاف من النازحين إلى ديارهم وممارسة حقهم الانتخابي، ووضع عدة شروط لضمان سير الانتخابات، منها توفير البيئة الآمنة لها وإعادة النازحين لمناطقهم وأن يكون التصويت الكترونياً في جميع المناطق من خلال استخدام أجهزة العد والفرز الالكتروني، وتاليا ألاّ تكون للأحزاب التي تخوض الانتخابات أجنحة مسلحة.

 

إضافة إلى تكثيف أعداد المراقبين المحليين والدوليين ومراقبة مجلس النواب ومن خلال لجانه تنفيذ الالتزامات الواردة وتقييمها وتستلم رئاسة المجلس التقارير المتعلقة بذلك وضمان مشاركة جميع المواطنين في الانتخابات من خلال وضع صناديق للنازحين في المحافظات للنزوح الداخلي.

 

وترسم الأيام بين فترة واخرى خارطة لتحالفات الكتل السياسية العراقية التي ستخوض الانتخابات النيابية والتي أهم ملامحها هو الانقسام، فأعلن حزب الدعوة انسحابه من خوض الانتخابات لصالح قائمتين إحداها لرئيس الوزراء حيدر العبادي، والأخرى لنائب رئيس الجمهورية نوري المالكي.

 

كما انقسمت القوى السنية بين ائتلاف "عابر للطائفية” مع نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، وائتلاف سني- سني بزعامة نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، في الوقت الذي انقسم فيه الكورد بشكل غير مسبوق فيما بينهم.

 

ومع هذه الانقسامات بدأت معركة خفية ما بين التحالفات المترشحة لخوض الانتخابات ، فكل واحدة منها تحاول إسقاط ورقة التوت عن بعضها بعضاً لتنكشف عوراتهم امام الناس ليتجنبوا انتخاب هذه الكتلة او تلك ، مفتقدين للياقة التي هي القادرة وحدها على وصف الآخرين كما يرون هم أنفسهم فالرجل المشهور شخص يبذل أقصى جهده ليعرفه الناس جميعا، ثم يلبس نظارات سوداء ليتحاشى معرفة الناس له بعد ذلك.

 

صراعات ليست وطنية من اجل الوطن وابنائه وخيراته وتقدمه بل هي صراعات لشريـــــــــــعة الغاب التي يتصارع بها الاقوى ليأكل الضعيف ولتكن الفائدة الاكبرى لمن سيقـــــــــض مضجع الاخر ويفوز بفريسة العراق التي اضحت للاسف تُســــــــــيل لعاب السراق والفاســـــــــدين الذين جاءوا ليــــــــــس حبا بالعراق بل حبا لما ســـــــــيدخل في جيوبهم وما يصدرون منهم لاجيالهم المقبلة .

 

الكل يبكي ليلاه ولكن لا احد يبكي العراق الذي تراجع لمئات السنين وترك التقدم والتكنولــــــــوجيا والرفاهية وقبل كل هذا وذاك ترك الأمـــــــــن والأمان وراءه وصار وبفضل قادته الجــــــــدد يحاول جاهدا اللحاق بمســــــــيرة العــــــــصر والذي اضحـــــــى بعيدا عنها.

 

اعداد كثيرة من التحالفات ستدخل الانتخابات والكل يتطلع لمعرفة مناهجها وما هي خارطتها لمســـــــــتقبل العراق ..

 

لا صورا واضحة للعيان ولكن كل ما يطرق الاسماع وتقع عليه الاعين لا يرى ولا يسمع سوى اظهار عيوب التحالفات من قبل بعضها بعضاً محاولين ان يجعلوا من انفسهم الافضل في حلبة الفوز بدورة انتخابية جديدة علهم يحظون بالكعكة الاكبر وفي الوقت نفسه يسحبون ورق التوت لتغطية عيوبهم وكشف عورة الاخرين وهكذا يستمر الصراع دواليك في كل دورة إنتخابية قادمة ما بينهم الى ان يخرجو من الجنة التي خلقوها لانفسهم وهم لا يفقهون كم هو غالٍ هذا البلد والذي كتب عنه الكثير من غربتهم ومنهم الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري من غربته في حب العراق حين قال :

 

وَطَـنٌ جَميـلٌ وَجْهُـهُ بَغْــدادُ               وَرِضَابُهُ مِنْ دِجْلَةَ مَعْسُـولُ

 

كَيْفَ السَّلوُ وَ ليس تَبْرَحُ بُكْرَةٌ           فيـه تَهِيْجُ صَبَابَتي وَ أَصِيْـلُ

 

إنِّـي لَأَشْتاق الْفُـرَاتَ وَ أهْلِـهِ              وَيَروُقُنـي ظِلٌّ عَلَيـهِ ظليـلُ

 

وَ أُحِبُّ شَاطِئُهُ وَ رَوْعـة سَفْحِهِ          تَحْنُو عَلَى الأَمواجِ فيهِ نخيلُ


الزمان 

AM:01:22:29/04/2018