استيقظنا بداية هذا الشهر على خبر كان العنوان الرئيس لمعظم صحف العالم، "اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي "، بعدها بساعات بدأت الفضائيات العراقية بفواصل من الردح ، فيما أخريات راحت تذرف الدموع على حرية الإعلام .
ربما سيقول البعض ، يارجل تعمل في الاعلام وتسخر من الفضائيات التي تدافع عن حرية التعبير ، ونحن نخوض هذه الأيام معركة تشكيل حكومة التوافق الوطني ، لا ياسادة انا متضامن ومتعاطف مع كل انسان يتعرض للظلم والقتل والتغييب سواء جمال خاشقجي او غيره ، ولكننا ياسادة ياكرام منذ عام 2003 واخبار مقتل أو خطف صحفي عراقي تتوارى بخجل في آخر نشرات الاخبار ، وتقابَل بتجاهل وصمت من قبل دول العالم التي تبكي اليوم من أجل حرية التعبير ، وفي بلاد الرافدين ظلت وزارة الداخلية تستعد وراء كل عملية قتل او تغييب او خطف صحفي ، لإصدار بيان يخبر العراقيين أن الصحفي " المشاغب " قُتل بسبب صراع على امرأة ، وأن الأخبار التي تحدثت عن مقتل عدد من الناشطين ، أخبار مغرضة ، فالامر لايعدو أن يكون معركة عشائرية راح ضحيتها عدد من المتظاهرين ، منذ 15 عاماً استطاعت الحكومة مشكورة أن تجعلنا ننسى أرقام الضحايا مثلما نسِينا أرقام الأموال التي نُهبت خلال الأعوام الماضية، قُتل عشرات الآلاف وهُجّر وشُرّد الملايين، ودُمّرت مدن، والعالم يتفرج ، فيما سكان البيت الابيض بدءا من بوش ومرورا بأوباما وإنتهاء بـ "العزيز " ترامب يعتقدون ان مشكلتنا تتعلق بالحصول على زعيم " توافقي " ، فنحن الشعب الوحيد الذي لم يعد أكثر من أرقام في سجلات الموتى والمشردين ، فيما وزير حقوق الإنسان المتقاعد محمد مهدي البياتي يقدم للعالم نظرية جديدة عن الشخصية المستقله ، ففي لفتة عبقرية عرف بها الوزير الذي أطلق الرصاص ذات يوم على عدد من الشباب ، لأنهم ضايقوا موكب معاليه يقول :" نختلف في تعريف المستقل ، فجميع الناس الذين لم ينضمّوا إلى الاحزاب الحاكمة هم بعثيون " وحين يقول له المذيع ،الجميع يؤكد نعم جميع الذين يرفضون الانتماء الى أحزابنا هم بعثيون .
يا أعزائي أصحاب مباريات حكومة التوافق الوطني " المستقلة " نطلب منكم أن تنصتوا لما قاله البياتي ، ورحم الله الراحل أرسطو يوم قال لأحد تلامذته: "إياك أن تستمع إلى قصص الفاشلين "، كان هذا قبل أن تدخل عالية نصيف موسوعة غينيس في التنقل من العراقية الى الوطنية الى البيضاء الى دولة القانون ، وأخيرا تحولت الى أيقونة لـ " المستقلّين " دون ان تصاب بتأنيب الضمير ولا بالخجل من القفز على أكثر من حبل .