أم بي سي العراق.. والوحش!
هلكوت الجلبي
تتحدث إحدى الوثائق المسربة من الويكيليكس عن لقاء بين شخصيتين أمريكيتين في إحدى مقاهي ستاربكس بجدة, يقول أحدهما "أن الحكومة هي التي تدعم هذا الانفتاح التلفزيوني وترى أنه مضاد للفكر المتطرف” وأن "الحرب الفكرية هي السائدة الآن والإعلام الأمريكي عبر قنوات مثل إم بي سي وروتانا تكسب فكر المواطن العادي بطريقة لم تتمكن الحرة أو وسائل البروباغندا الأمريكية الأخرى من فعلها”

فإذا كانت ام بي سي لديها اجندة معينة لكسب ”المواطن العادي" في العراق فالسؤال الذي يتعب ذاكرتي منذ ٢٠٠٣: ماذا تفعل الحكومة العراقية لكسب المواطن العادي؟ هذا المواطن الذي طالما انتظر اجندة معينة تنشله من عقم البرامج السياسية وكآبة الترفيهية منها والمملوءة بالأجندة الطائفية والفراغات الفنية الكارثية.

لماذا هذا الهجوم الهستيري على فنانينا لمجرد قبولهم دعوة من قناة لطالما جمعت فنانين عرب وانتجت اعمالاً فنية بمستويات يحلم بها اي مخرج وممثل ومصور وبامكانيات جعلتها تدخل بيوت المواطنين العرب من المشرق الى المغرب!!!

ماذا لو كنت مخرجاً عراقياً لديه الغيرة الفنية يطمح الى عمل تلفزيوني بمستوى المسلسلات التركية والعربية التي تغزو قنواتنا الفضائية والمحلية يومياً. الى اين يذهب؟

احدى اهم عوامل النجاح الفني هو قدرة الانتاج، وتكلفة الانتاج لصناعة الدراما التلفزيونية هي المحددة لجودة المسلسل من عدمها ومدى القدرة المالية لشركة الإنتاج، التي تعني قدرتها على الحصول على تقنيات أفضل وفنانين وممثلين يمتلكون شهرة أكبر لإخراج مسلسلاتهم وما إلى ذلك.

في حين تفتقد القدرة الانتاجية للمسلسلات في العراق الى المال، بلغت أجور الفنانين في الخليج ملايين الدولارات، وتصدر قائمة أعلى تكاليف للمسلسلات الخليجية في الكويت مثلا، مسلسل "حال مناير" الذي فاق 450 ألف دينار كويتي اي ما يقارب المليون ونصف دولار. أما الأعمال السعودية فبلغت ميزانياتها اكثر من 12مليون ريال (مسلسل "منا وفينا") اي ما يقارب ثلاثة ملايين دولار. وفي النهاية الدراما ككل الأعمال الفنية الاخرى لها مردودها الاقتصادي .

الخليجيون استثمروا في هذا القطاع كما استثمروا في القطاعات الاقتصادية الاخرى وهذا الاستثمار المبرمج والمدروس  حقق على الاقل النجاح المادي (وهنا انا لست بصدد تقييم الدراما الخليجية فنيا) الذي جعل سوق الخليج الدرامي مشجعا للفنانين كما هو حال سوق العمل.

حيث ارتفع سعر الإعلان التلفزيوني على القنوات الفضائية العربية، بنسبة 5,6% ليصل متوسط تكلفة الإعلان الذي تصل مدته إلى30 ثانية إلى نحو 3,299 دولارا”

فاذا كانت دعوة  ام بي سي العراق لفنانينا ضمن اطار قانون السوق الدرامية الواعدة فلا غبار على ذلك. وياحبذا ان تلتقي شخصيتان في ستار باكس عراقي لدعم اجندة عراقية تدعم حق الفنان العراقي في البحث عن اعمال ومؤسسات تقدر عمله وتشجعه ماديا في ظل غياب رؤية ذكية وواضحة لإنقاذ الدراما والدراميين العراقيين.

nasnews

AM:02:36:23/02/2019