لا عذر للغائب عن الإعلام!
نايف معلا

كثيراً ما أجد في الصحف الأجنبية وخاصة الغربية (الأميركية والأوروبية) أخباراً وتحقيقاتٍ ومقالاتٍ «معتلّة»، إن سلمت من عدم الصحة لم تسلم من عدم الدقة، فضلاً عن افتراءات المستكتبين المُعلّبين، سواءً أكانوا سعوديين تنكروا لوطنهم واصطفوا إلى جانب أعدائه لتحقيق أجندات سياسية أو آيديولوجية أم كانوا مرتزقة مأجورين يكتبون ما يُملى عليهم ولا شيء ينبع من ذواتهم. كل ذلك لتكريس صورة نمطية سلبية عن السعودية في الأذهان، والاستقواء بالأطراف المؤثرة في الدول الغربية للنيل من علاقاتها مع السعودية.


على رغم ما تحويه تلك المواد الإعلامية من أكاذيب وأراجيف، وفي ظل غياب الردود المُلجمة سيكون – على الأقل - من شأنها التشويش على الصورة الناصعة للسعودية في مختلف المجالات، خاصة في مجال حقوق الإنسان، وسيجد المغرضون مساحة للنيل منها، وتحجيم كل إنجاز تحققه، لا يزاحمهم فيها أحد، فلِمَ تُترك لهم هذه المساحة؟! أما يكتب أولئك تحت مظلة حرية التعبير؛ فلِمَ لا يُرد عليهم وتُفنّد أكاذيبهم، ويكشف همزهم ولمزهم تحت المظلة ذاتها؟! يقال في أدبياتنا: «الغائب عذره معه»، أما هنا فلا عذر للغائب!

من بين تلك المواد الإعلامية التي اطلعت عليها مقالة منشورة قبل مدة في صحيفة النيويورك تايمز، كتبها أحد المترامين في أحضان الغرب المخدوعين كثيراً بأنفسهم، أثنى فيها على أبيه الذي تجري محاكمته حالياً في السعودية، ولكنه ليس الثناء الذي نعرفه، بل الثناء على الطريقة الغربية، إذ وصفه بالإسلامي الحر المستنير المصلح، وفي المقابل، وصف عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الفوزان بالتشدد، مستحضراً بعض الفتاوى التي يرى أنها تثبت هذا الزعم الباطل! المهم في هذا السياق، أنه لم يجد ردوداً تفنّد ادعاءاته الباطلة، عدا منشورات منثورة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظمها موجّه لنا وليس للمجتمع الذي تخاطبه تلك المقالة! فلو تم الرد عليه بمقالة تنشر في الصحيفة ذاتها أو في صحيفة لا تقل أهمية ورواجاً عنها لأسهم ذلك في تفكيك الصور النمطية السلبية المسيئة لنا، التي يسعى هو وأمثاله إلى تكوينها وتكريسها تنفيذاً لأجندات سياسية وآيديولوجية بعيدة كل البعد عن الشعارات الزائفة التي يتغنون بها: الحرية، الديموقراطية، حقوق الإنسان، التعددية ونحو ذلك.

صحيح أن أولئك يجدون في البلدان الغربية كيانات وأفراداً يتبنونهم ويدعمونهم ليس لسواد أعينهم، وإنما بسبب التقاء المصالح وإن بشكلٍ مؤقت، فضلاً عن المواقف المسبقة المختزلة في أذهان كثيرٍ من المسؤولين والمؤثرين والمؤسسات والكيانات في البلدان الغربية، ما يجعل مهمة الرد عليهم صعبة ولكنها ليست متعذرة، فهناك بدل الطريقة 100 طريقة للوصول إلى المستهدفين من خطابات أولئك المغرضين، سواء من خلال الكتابة الصحافية والحوارات الإعلامية أم تقديم الدعوات لزيارة السعودية، وما يعرف بالدبلوماسية الشعبية التي تشمل البعثات غير الرسمية، والنشاطات الطلابية وغيرها من السبل. المهم، ألا يُترك لهم المجال إلى حد تمرير أكاذيبهم ومراوغاتهم التي لا يتطلب كشفها كثيراً من العناء!

الحياة 

AM:04:59:11/04/2019