أنا شارلي...
د. تارا ابراهيم


لدى الجميع وطن واحد، ولكن، أنا لدي وطنين.. لدى الجميع قلب واحد وقلبي مجزأ الى نصفين.. وطناي يتألمان لكن العدو واحد، يحاول ان يمزق فيهما الوحدة والتضامن.. عدو يحاول ان يقتل حرية التعبير والرأي فيهما.. في زمن اصبح فيه القلم هو السلاح والكلمة اقوى من اي صاروخ..

ولكن.. عجيب امرنا في هذه الايام، أصبحنا لانحس بالأمان.. الأمان الذي كنا نشعر به في بيوتنا الدافئة وأمكنة عملنا المحببة الى قلوبنا وشوارعنا التي مازالت حتى اليوم مزدانة بزينة اعياد الميلاد.. استيقظنا على حلم بل على كابوس مزعج في وقت لم تنته فيه اعياد راس السنة ولا غادرنا نشوة استقبال عام جديد مليء بالأمل والتفاؤل.. وددنا ألا نصدق ما حدث، لكن أذهلنا وقع الفاجعة المرة كالعلقم..

عمّ السكون الرهيب الارجاء، صمت متعب ومنهك.. اصوات صافرات الاسعاف وسيارات الشرطة تؤذي الاسماع، والكل يتوجس وقع حدث ما.. بين حين وآخر نسمع ان هنالك رهينة.. طلقات نارية.. جثث هنا وجثث هناك لاشخاص أبرياء.. برجنا الباريسي اعلن الحداد واكتسى بالسواد.. رحلت عنه بهجته واضواؤه اللامعة التي ما كانت تدل الا على عصر ذهبي.. اصبح الخوف والهلع سيدي الموقف.. رجال الشرطة في كل منعطف وشارع.. التفتيش والمراقبة في كل مكان..

وطني الاول لم ينته فيه حتى الآن القتل والعنف والارهاب.. ايزيديات مختطفات باسم الله.. مسيحيون مشردون هنا وهناك.. مسلمون لاجئون او لايعرفون الى من يلتجئون.. طال الارهاب الجميع دون تفرقة باسم الله.. بيشمركه تعود جثامينهم الى امهاتهم وزوجاتهم واطفالهم وقتلوا باسم الله.. رفات تحت الارض في مقابر جماعية تنتظر من يعثر عليها.. شعب متعب.. محطم.. يحاول ان يج مخرجا من ازمته بالصلاة والدعاء الى الله..

وطني الثاني.. وطن الحرية وحقوق الانسان.. تقتل فيه الكلمة باسم الله.. رسوم واوراق ملطخة بالدماء.. صحافيون طالتهم الايادي السوداء.. اخترقت الرصاصات اجسادا تؤمن بالحرية والديمقراطية وحرية التعبير.. رهائن مختطفون هنا هناك في باريس وضواحيها.. هذا مسيحي.. هذا يهودي.. هذا مسلم.. وطني الثاني هو وطن جريح باسم الله.. ارهاب يريد ان يزرع الحقد في نفوس الناس كي ينزع حس التضامن والعيش السلمي ما بين جميع الاقوام والاديان.. ارهاب يود ان يوقع الناس جميعا في حبائله..
 الارهاب لا دين له ولا احساس.. الارهاب لايرحم طفلا ولاعجوزا.. الله محبة لم يخلق البشر للمآسي.. «الرعب.. الكره.. البغض.. الحقد.. القتل.. سفك الدماء.. العنف».. هذه مصطلحات الارهابيين يروجونها عن جهل وإصرار..

وطنان احاول التشبث بهما بقوة وبكل ما لدي من قدرة وطاقة بناءة.. اقدم لهما كل تضامني.. كلماتي.. محبتي.. لأنني وبكل بساطة ثمرة كليهما.. فأنا ايزيدية.. انا مسيحية.. انا مسلمة.. انا قلم لاينكسر.. انا كلمة حرة.. انا بيشمركه.. انا شهيدة.. انا شارلي..
 

من (الصوت الآخر)
PM:12:58:25/01/2015