بارقة أمل
ليلى بن هدنة


التظاهرات التي تخرج اليوم في المدن العراقية تمثل صرخة ألم على مآسي التدخل الإيراني في العراق الذي ساهم في استشراء الفساد في جل المؤسسات.


فما تشهده المحافظات هذه الأيام، هو في حقيقته هبة سياسية بالرغم من العناوين الاجتماعية والاقتصادية المهيمنة على الشعارات المرفوعة، فقد أصبح وجود إيران على أرض العراق أمراً غير مرغوب فيه، بعدما اكتشف الداخل العراقي والخارج الإقليمي والدولي، حجم المؤامرات التي تديرها «طهران» في بلاد الرافدين.


بينما وجدت القوى والأحزاب السياسية، كلها من دون استثناء نفسها أسيرة نظام المحاصصة والفساد وعجزت لظروف وأسباب مختلفة عن مقاومة هذا النظام ولم تبادر إلى التخلص منه بل ساهمت في تمدده بعدم وضع الية لمحاربته.


لم يعد العراقيون يمتلكون قدرات خارقة على الصبر أمام الفساد والولاءات الضيقة لنظام طهران، فشعارات «إيران برا برا» تعني بالضبط رفض الهيمنة الإيرانية على الحياة السياسية تحت ذريعة الاصطفاف الديني والمذهبي، وتأكيداً أيضاً أن مؤامرة نظام الملالي حول إشعال العراق لاستخدامه كورقة مساومة مع أمريكا، لن ترى النور، فخروجهم يعد انتصاراً للكرامة الوطنية العراقية ضد الهيمنة الإيرانية لأنهم أدركوا أن سبب سوء الأوضاع في البلاد هو نتيجة هيمنة نظام الملالي على مقاليد الحكم وسيطرته على المؤسسة العسكرية التي تمجد ميليشيا الحشد الشعبي التابعة لها.




لا يجوز المفاضلة عندما يتطلب الأمر الاختيار بين مصلحة بلدك وأي بلد آخر هذا الطبيعي، لكن للأسف هناك من يسعى للدفاع عن إيران ضد العقوبات الأمريكية والسير تحت مخططها التقسيمي باسم «المحاصصة»، دون أن ينتبه إلى أن تحقيق هذه المصالح الفئوية الضيقة سيكون على حساب المصالح الوطنية العليا لجميع العراقيين، صحيح أن كل مشكلات العراق الخدمية ليست وليدة ساعتها، وهي حصيلة تراكم الإهمال الحكومي والفساد المستشري منذ سنين.


لكن السلطة والأحزاب تتحمل موضوعياً المسؤولية لانها لم تتحرك. المتظاهرون على حق عندما حمّلوا إيران والقوى السياسية والميليشيا مسؤولية ما وصلت إليه الأمور، حيث أفسدت الحياة في كل المدن العراقية وأسهمت في تدميرها.


هبة العراق بارقة أمل بأن يُغيّر النظام السياسي في هذا البلد من أدائه، ويشرع بجدية أكبر بعملية إصلاح تتجاوز عقلية المحاصصة والاستحواذ التي طغت عليه، ما يسهم في إنقاذ البلاد من التدخلات الإقليمية وإعادتها إلى الحضن العربي. فالتمسك بالهوية الوطنية بعيداً عن الطائفية والمذهبية هو طريق النجاة في نظر الكثيرين من الشعب العراقي، لإعادة أرض الرافدين إلى مسارها الصحيح .




albayan
AM:02:31:05/10/2019