النخب الأكاديمية والإحتجاجات
نهلة نجاح العنزي

تزايدت في الآونة الأخيرة مشاركة النخب الاكاديمية في الاحتجاجات الأخيرة للتعبير عن رفضهم للواقع السياسي والاجتماعي السائد وتزايد حالات الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة كافة.


ان مشاركة النخب تنبع من دوافع ولم تأت من فراغ كما يروج لها البعض بأنهم يحاولون تقسيط النظام ولعل من أبرز الدوافع : الاحساس بمعاناة الفئات بالفئات الفقيرة والكادحة التي لا تملك قوت يومها، ونراهم هنا وهناك يسكنون العشوائيات ويعيشون أوضاعا اجتماعية مزرية يهتز لها ضمير أي عراقي شريف، وبالتالي فأن دوافعهم لم تكن شخصية بقدر ما تعكس شعورهم بواجبهم ومسؤوليتهم الاجتماعية تجاه الاخر الذي يعاني اضعاف ما تعانيه هذه النخب والتي تشكو من نقص الخدمات وانعدام العدالة الاجتماعية والعديد من الحقوق المسلوبة الأخرى.


ان المشاركة الجماهيرية الواسعة كشفت مدى تلاحم هذه الفئات التي غالباً ما تنتمي الى الطبقة الارستقراطية مع الفئات المهمشة وتكاتفها للمطالبة بحقوقها، وحقوق الاخرين للعيش بكرامة رافعين شعارات تهتز لها العواطف ويدركها العقل الواعي الموجه للاحتجاجات والمطالب باستمراريتها على الرغم من دخولها شهرها الرابع متحملين الأجواء الشتوية الباردة ورافضين العودة لمنازلهم الا بتحقيق المطالب المشروعة والتي كفلها الدستور.


وتباينت مشاركة النخب الاكاديمية بين الوجود الفعلي في ساحة التظاهر والإقامة في الخيم ، وبين تقديم الدعم المادي والمعنوي اذ تشكلت مجاميع عديدة في الجامعات تقوم بجمع التبرعات والمواد العينية فضلاً عن النشاطات الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي الداعمة للاحتجاجات  مما عكست احساسهم العالي بالمسؤولية التضامنية رغم الاختلافات الطائفية والاتجاهات السياسية.


غير ان مشاركة النخب قربت بين وجهات النظر ما بين طبقات المجتمع المختلفة ، لتؤدي دوراً مهماً في توعية وتثقيف الجمهور العام بالحقوق الدستورية، والمطالب ليكونوا أكثر نضجاً ووعيا رافضين كل اشكال الهيمنة والدكتاتورية بمختلف صورها فضلاً عن ان مشاركة النخب أعطت قوة للشباب الكادح البسيط بأنه مؤازر من فئات المجتمع مما منحهم دوافع البقاء.


ان تجربة الاحتجاجات بينت مدى قوة الشباب العراقي، وروحهم الطيبة واعطت دروسا للطبقة السياسية عن مدى امتلاك الشعب العراقي وقدرته على التغيير من ابسط المشاركين من اهل التكتك الى الطالب والمعلم والمثقف العراقي، وصولاً الى النخب الاكاديمية قدوة المجتمع والعقلاء الذين يعول عليهم احداث التغيير الاجتماعي وبناء الأجيال، ولاسيما الشباب منهم ولعل المتتبع لهذه الاحتجاجات يأمل خيراً بأعداد جيل شبابي رافض للدكتاتورية واعتاد على المطالبة بحقوقه يختلف عن الأجيال السابقة التي اعتادت على الخضوع والاستسلام للحكومات ويعول عليه في احداث نهضة اجتماعية، وليكونوا نموذجا يحتذى به لكل من يراهم لشباب العالم اجمع ويتعلم منهم، وليتكاتفوا بوجه السلطات الحاكمة مشكلين مصدر قلق للفاسدين ولكن من تورط في إيصال العراق الى ما هو عليه الان حالمين بوطن حر بدون تبعية سياسية كسائر البلدان المتقدمة الأخرى.


الزمان 
AM:03:28:25/01/2020