لا أعرف ما هي المعايير التي حددها الكتاب الصادر عن جهات حكومية مسؤولة في بلاد الرافدين ، والذي يطلب من الجهات القضائية ومعها " المدعي العام " – والحمد لله اكتشفنا ان لدينا من يتولى منصب المدعي العام – وهذا انجاز تاريخي ، واعود لكتاب " التهديد والوعيد " الذي يطالب اصحابه من القضاء أن يتابع أي نشاط لموظفي الدولة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان برّاق " القواعد الاساسية للاستخدام الشخصي لمنصات التواصل الاجتماعي " ، حيث نقرأ طلباً غريبا وعجيبا من قبل الموظف أن يتوخى الحذر عند النشر او التعليق .. ولم يكتف اصحاب الكتاب " القرقوشي " بذلك بل قرروا أن يطاردوا " اللايكات" في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال هذه الفقرة الكوميدية : " تنطبق عمليات اعادة النشر والتفاعل و المتابعة او عند ضغط زر الاعجاب او التعليقات " .ويختتم الكتاب وصاياه للموظفين بان يخبرهم ان جميع صفحاتهم الشخصية تحت المجهر .
ما تضمنته لائحة مطاردة اللايكات والتعليقات ، هو عملية إجهاز بشكل كامل على مفهوم حقوق الشعب في دساتير الأمم، والسعي لتحويل الموظف إلى مجرد كائن " لا يرى..لا يسمع.. لا يتكلم"، كائن منتهى حلمه أن تسمح الجهات الرسمية بأن يتجول الناس داخل صفحات الفيسبوك وتويتر، وقبل هذا عدم الاقتراب من المدعو" لايك " لأنه يشجع على الخراب .
هنا تصبح شعارات مثل الحرية والديمقراطية والتغيير وحقوق الإنسان، مجرد مفردات تلاحق من يرددها وتنعته بالمخرِّب، إن لم تلصق به العبارة الشهيرة "أجندات أجنبية".
كان من السهل على أصحاب لائحة مطاردة مواقع التواصل الاجتماعي أن يوضحوا للناس حقوقهم في العدالة الاجتماعية والأمان الصحي والتعليم الجيد، والسكن اللائق، وأن يشرحوا لنا أن المهم هو السعي لبناء العراق كدولة للحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية، بلا وضع فقرات تطارد العميل الامبريالي المدعو " لايك " . وإذا كان من حق الأجهزة االحكومية أن تحاسب من يسيء إلى كيان الدولة، فأعتقد أنه من المضحك منع الناس من التجول بحرية في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم .
والعجيب والغريب أنه من أجل حماية العملية السياسية كما يقولون ، تستبيح الدولة للاسف ومعها خبراؤها الأشاوس كل شيء، فبعد الاصرار على قانون حرية التعبير داخل قبة البرلمان ، جاء الدور على التصدّي للسيد فيسبوك ومعاونيه، لأنهم كشفوا زيف الديمقراطية في العراق ، ولان المسؤولين انتابتهم حالة الرعب، من أنّ الفيسبوك ينقل بالصوت والصورة ما يجري داخل بلاد الرافدين .
كيف يسقط كبار الساسة في أوروبا وأمريكا ويذرفون الدموع أمام الفضائيات؟ ، بسلاح اسمه مواقع التواصل الاجتماعي، وليس بإصدار قوانين تحسب على الناس عدد اللايكات.