بعد ان تعددت أوجه الارهاب وازدادت الحروب وآخرها سوريا (سقوط نظام الاسد في 8 كانون الاول وتحولها إلى الجبهات الساخنة بعد توقف طويل) أصبحت بعض الفضائيات العربية، وكأنها معاهد استراتيجية تمنح هذا اللقب (محلل أو خبير استراتيجي) لمن شاء حتى وإن لم يستحقه، وان لم يمتلك مؤهلات مهنية أو اكاديمية أو عسكرية أو نظرية تؤهله لمنح هذا اللقب، ما دام يتفق وتوجهاتها السياسية أو مصدر التمويل لتسويق توجهاتها وبعضها امتداد لتوجهات سابقة لها تتفق مع الوضع الجديد وهي تخالف المهنية.
ويلاحظ أيضا في بعض وسائل الاعلام الغربي حالة تخالف مهمات سلطتها المعنوية أيضا (وهو الاخطر)، انها متحيزة أو تتماهى مع توجهات (اسرائيل) في سوريا أو اطراف اخرى داخلها (ومنها كان امتدادا لموقفها قبل 8 كانون الاول ايضا).
فركزت على الارقام العسكرية التي تحققها (إسرائيل) في ضرباتها (وهو حق لها كما تزعم) وتهمل الخسائر البشرية وخاصة المدنية فتصبح (ارقام حديد) لا حياة فيها ولا دما وليس فيها مخالفة انسانية وللقوانين والقرارات الدولية (ومنها على سبيل المثال اتفاقية عام 1974 بين سوريا واسرائيل) بعد حرب عام 1973 بفصل القوات المتحاربة بين الجانبين وفك الاشتباك بينهما وانشاء منطقة (عازلة بينهما) لكن (إسرائيل) ألغتها بعد الثامن من كانون الاول من جانب واحد فانهارت الاتفاقية عندما قرر مجلس الوزراء (الإسرائيلي) احتلال منطقة جبل الشيخ الحدودية المحاذية للجولان المحتل، وبذلك يكون الجيش (الاسرائيلي) هو القوة المنفذة لوحده، ويكون بذلك قد أعطى الإعلام الغربي بالتركيز على هذا المبرر (لإسرائيل حجة لاحتلالها بعد أن تخلى الجيش السوري عن مواقعه وأنه لن يسمح لقوة معادية بالتموضع قرب الحدود)..
لقد وقع البعض في (المطب) نفسه فأخذ يردد بلا وعي هذه المزاعم نفسها ممن يحمل لقب (محلل أو خبير استراتيجي فضائي).. فقد ظهر من بين هؤلاء فجأة واختفى فجأة ايضا، لأنه كان (محللا عند الطلب) دون أن يتذكره أحد بخلاف آخرين استمروا بقناعة المشاهد، لأن حضورهم في مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية وتاريخهم المتميز في الاختصاص والشهادة العلمية سبق ظهورهم على الشاشة وعندها يكون ظهورهم ضرورة..
وفي هذه الحالة يكون دورهم في الاعلام ضرورة اخرى واضافة نوعية، ليتعرف منهم المتلقي على الحقيقة وتتوضح له الصورة بعد أن شوشها الإعلام المضلل والمحلل الفاشل الذي لا يعتمد على الواقع ومبادئ العلوم السياسية والعسكرية والتاريخية، بل على إسقاطات سياسية أو نوايا مسبقة يحاول اقحامها فيها.